الخميس 21 نوفمبر 2024

المسجد الضرار

انت في الصفحة 2 من صفحتين

موقع أيام نيوز

 وكان قد أرسل إلى المنافقين ان استعدوا وابنوا مسجداً فإني أذهب إلى قيصر وآتي من عنده بجنود، وأخرج محمداً من المدينة، فكان هؤلاء المنافقون يتوقعون أن يجيئهم أبو عامر فماټ قبل أن يبلغ ملك الروم».(1) وبعد هذا طلب هؤلاء من الرسول(صلى الله عليه وآله) أن يفتتح المسجد، لكن جبرائيل نزل ونهاه عن ذلك بهذا الخطاب: ( وَلاَ تَقُمْ فِيهِ أبَدَاً ) والرسول (صلى الله عليه واله) لم يقم فيه ولم يصلّ فيه أبداً. ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أوَّلِ يَوْم أحَقُّ أنْ تَقُومَ فِيْهِ ) أي أنَّ مسجد ضرار ليس محلا مناسباً لعبادة الله الواحد، والمسجد المؤهل لذلك يتسم بالسمات التالية: 1 - أن يكون أساس تأسيسه هو الإيمان والتقوى، وهذا القسم من الآية يعلمنا أن يكون أساس تأسيس مراكز مثل الحسينيات والمدارس الدينية والسياسية والاقتصادية والادارية هو الايمان والتقوى، فهما روح الأعمال. 2 - السمة الاخرى هي أن يكون الحضور من المتقين والطاهرين; وذلك لأن المصلين في المسجد يعدون معرّفاً للمسجد. إن السمتين حاصلتان في مسجد قباء، فقد كان أساس تأسيسه الإيمان والتقوى، كما أنّ مصليه كانوا من المؤمنين عكس ما كان في مسجد ضرار فلا أساسه كان يعتمد الإيمان والتقوى ولا حضوره كانوا من المؤمنين. الأمر بتخريب مسجد ضرار الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكتف بعدم افتتاح المسجد والصلاة فيه، بل أمر المسلمين بإحراقه ثم تخريب جدرانه وتهيئته ليكون مرمى للنفايات. ( أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَه عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوان خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرْف هَار ) . (الشفا) يعني الطرف من كلّ شيء، واطلقت هذه المفردة على شفاه الفهم لأجل ذلك. (الجرف) يعني الجنب فجرف الشيء أي ما يجانبه ولذلك اطلق على شاطئ النهر جرف. (هار) يطلق على الشيء الآخذ بالسقوط. إنَّ النهر قد يفرغ جرفه من الداخل ليصبح الجرف أجوف، والإنسان الذي لا يعلم بذلك قد يقدم على المشي على هذا الجرف فيسقط فيه ويغرق. الله تعالى يشبّه بناء مسجد ضرار ببناء على جرف نهر، والجرف لا يشرف على ماء النهر، فانّ ذلك قد لا يؤدي بالإنسان إلى مۏته وهلاكه الحتمي لانه قد يكون عارفاً بالسباحة، بل إنَّ هذا الجرف مشرف على جهنّم ذاتها بحيث إذا سقط إنسان فيه فذلك يعني هلاكه الكامل وانتفاء احتمال نجاته... وهل الإنسان إذا كان عاقلا يرضى باقامة بنيانه في أرض رخوة كهذا الجرف ويتحمل ما فيه من مخاطر؟ نعم; إنَّ المسجد الذي أساسه التقوى ورضاء الله فبناؤه يكون محكماً جداً ولا يؤدي بالإنسان إلاّ إلى النجاة، أمَّا المسجد الذي يؤسّس على أساس الكفر والشرك ويكون مقراً للأعداء فهو بدرجة كبيرة من الخطۏرة ويؤدي بالإنسان إلى السقوط. وحسب ما تذكر الآية إنه سقوط في جهنّم. هل يمكن العثور على تعبير أجمل ومَثَل أوضح لمصادر الشرك والنفاق مثل التعبير الذي تضمنته الآية الكريمة؟! خطابات الآية 1 - إنّ المستفاد من الآية هو ضرورة مراقبة المسلمين أعمالهم، وأنَّ الأعداء قد يواجهون الدين بالدين نفسه وبآلياته ذاتها... ولهذا عندما نقرأ تاريخ الإسلام نعثر على الكثير من الفرق التي أسسها الأعداء لضړب الإسلام الخالص. 2 - على المسلمين أن يكونوا كيّسين وأن لا تغرّهم الظواهر. ما أن تحصل فتنة فعلى المسلمين أن يتعرّفوا على متوليها ومموّليها والمستفيدين والمتضررين منها.

انت في الصفحة 2 من صفحتين