سلسلة الأقدار كامله بقلم نورهان العشرى
توجهت الي الأريكة الموضوعة في منتصف الغرفة بينما اضطرت جنة إلى إغلاق الباب و التوجه بتؤدة إلى حيث تجلس فامتدت يد أمينة تشير إليها بأن تجلس بجانبها و هي تقول بلطف
تعالي يا جنة اقعدي جمبي
اطاعتها جنة بصمت بينما بداخلها تشعر بالرهبة و قد لاحظت أمينة ذلك لذا قالت بمزاح
ماتخافيش احنا ما بناكلش بني آدمين
ليه يا جنة
اندهشت من سؤالها و تجلى ذلك في استفهامها
هو ايه اللي ليه
ليه أنقذت حياتي
تفاجئت من حديثها وقالت بزهول
هو أنا كان ممكن اعمل حاجه غير كدا
أمينة بهدوء
آه . كان ممكن تقفلي الباب و تمشي و لا كأنك شوفتيني . يعني بعد الي الكلام اللى قولتهولك والأڈى الى سببتهولك...
دا عند ربنا. الأڈى الى سببتهولي دا عند ربنا. لكن انا مقدرش اشوف إنسان
بېموت و مساعدهوش.
آلمتها كلماتها بشدة فقد اشعرتها بمدى حقارتها سابقا معها و قد تجلي ألمها في كلماتها حين قالت
مفكرتيش لحظة.
قاطعتها للمرة الثانية
أبدا و لو رجع بيا الزمن هعمل كدا تاني حتي لو كنتي عاملة فيا ايه! انا مش ملاك و لا حاجه و هبقي صريحة معاكي انا معملتش كده عشانك انا عملت اللي اتربيت عليه .
جنة بلهفه
انا مقصدش كده والله .
تلك
المرة قاطعتها يد أمينة التي ارتفعت توقفها عن الحديث و قالت بإبتسامه هادئه
عارفه انك متقصدش .
سحبت نفسا عميقا قبل أن تتابع
انا شايفه أن أنا و أنتي محتاجين ناخد فرصة نعرف فيها بعض أكتر . هكون ممتنة ليكي لو تقدري تتجاوزي سوء الفهم اللي حصل بينا و نبتدي من أول و جديد
فرح دايما تقولي مترديش إيد اتمدتلك بالسلام .
ابتسمت أمينة براحة من جملتها البسيطة و قالت بمزاح
فكريني أشكر فرح على الحكمة الجميلة دي .
ابتسمت جنة علي جملتها فتحدثت أمينة قائله بترقب
جنة بحماس
أه فعلا . النهاردة مفروض يقولي علي نوع البيبي و هيغيرلي الفيتامينات كمان .
ارتسم على ملامح أمينة رجاء صامت و لكنها لاحظته بالرغم من لهجتها المحرجة حين قالت
متنسيش أول ما تيجي تطمنيني . ربنا يطمنك عليه ويجيبه بالسلامه . ابن الغالي .
لو تحبي تيجي معايا انا معنديش مانع
فورا تبدلت معالم أمينة من الحزن و الألم الي الفرح و السرور الذي تجلي في لهجتها حين قالت بلهفه
بجد
يا جنة . انا ممكن اجي معاكي
جنة بابتسامة جميلة
طبعا ممكن تيجي .يعني لو مكنش المشوار هيتعبك
أمينة بلهفه
لا يتعبني ايه . دا هو دا الي هيريحني . قوليلي انتي ميعادك امتى هناك
نظرت جنة إلى ساعتها التي تشير
الى الواحدة و قالت
تقريبا بعد ساعه من دلوقتي
أمينة بلهفه و هي تنهض من جلستها
طب حلو هروح اخلي مروان يستنانا كان عايز يروح يفسح ريتال نروح احنا كمان معاه يالا هقوله علي بال ما تجهزي
لا أنا جاهزة من بدري
أمينة بحبور
طب يلا بينا ننزل سوا
و بالفعل خرجت مع أمينة الي الخارج و هي تستند على ذراعها حتى وصلا إلى الدرج و لكن خفقة قويه ضړبت يسار ا حين لمحته يصعد الدرج و لأول مرة تنظر إلي ملامحه التي تفاجأت بمدى وسامتها و تناسقها مع بشرته الخمرية و لحيته الكثيفة التي كانت تزين وجهه بشكل كبير و لكن تبقى عيناه المخيفة التي دائما ما يكون لونها بلون الچحيم الذي يرهبها بشكل كبير فشتتت نظراتها لكل شئ حولها حتى أنها لم تستطيع النظر إليه حين تحدث مع والدته
عامله ايه دلوقتي
أمينة بحنان
الحمد لله يا حبيبي. احسن كتير .
حانت منه إلتفاتة بسيطة لصاحبة الشعر الحالك السواد كظلام الليل يضاهيه بحر عيناها الأسود اللامع و الذي يناقضه بشړة حليبيه يزينها خدان شهيان كالتفاح الناضج و ثغر! لم يسمح لعقله بالتمادي أكثر فيكفيه ضجيج
قلبه الذي كان يقرع كالطبول فصب إهتمامه بأكمله على والدته و قال بحنان يتنافى مع طبيعته الدائمة معها
الحمد لله يا حبيبتي . انتي
راحه علي فين كدا
أمينة بحبور
رايحه انا و جنة للدكتور معاد متابعتها النهاردة
تجمدت الډماء في أوردتها و برقت عيناها التي كانت تنظر أمامها مباشرة حين سمعت حديث أمينة تكمل
مشوفتش الواد مروان اصله كان خارج يفسح ريتال هنخليه يوصلنا في طريقه و بعدين يبقى يعدي ياخدنا
اندفعت الډماء إلي أوردته و سرت كالنيران الذي شعر بها ټحرق احشاؤه و تلونت حدقتاه باللون الأحمر القاني و هو ينظر إليها فوجدها تنظر أمامها پصدمة غير قادرة على النظر إليه وما أن أوشك على الرفض القاطع أتاه صوت مروان خلفه و الذي قال بمزاح
أنا اهوه يا مرات عمي . حسيت انك محتجاني فجيت جري
أمينة بلهفه
ابن حلال والله . عايزاك تاخدنا معاك البلد عشان معاد الدكتور بتاع جنة كمان ساعه
كان مروان يشعر بشئ منذ البارحة في نظرات سليم لجنة و قد تأكد حين إلتفت رآه يناظرها بتلك النظرات الجحيميه فأراد أن يلعب على أوتار غيرته حتى يلقنه درسا قاسېا
فقال بمزاح
بس كدا . دانتي تأمري . دانتي لو طلبتي كبدتي تشوحيها عالغدا مأخرهاش عنك يا مرات عمي . دا تحت امر الست جنة هانم . يا سلام . عنيا. اوديكم و اجبكوا و افسحكوا كمان لو عايزين
كانت في تلك اللحظة تتمني أو أنها قذيفة من السماء تسقط على رأس ذلك الثرثار فيصمت للأبد فكلما كان يتحدث كانت نظرات ذلك المچنون تزداد احمرارا و تتقد ڠضبا و ملامحه تتوحش أكثر حتى
ظنت بأنه سوف يبتلعها الآن و لكن أمينه التي شددت علي يدها و هي تتابع النزول قائله بمزاح
لا يا شيخ ايه الجدعنة والشهامة دي كلها. طب ورينا بقى هتفسحنا فين
كانت اللحظات الأشد ڠضبا في حياته . لأول مرة يشعر بأنه يريد تحطيم كل شئ حوله حتى تخور قواه . ما هذا الڠضب الهائل الذي اجتاحه كطوفان يود إغراقها به حتى تلفظ أنفاسها الأخيرة. نعم يفضل أن ېقتلها في تلك اللحظة حتي تشفي نيران غضبه المتقدة داخل . لأول مرة بحياته يصمته الڠضب لم يستطيع فعل شئ سوي العودة بخطوات ملتهبه الى مكتبه و قام بإغلاق الباب خلفه بقوة لا يعرف من أين واتته أخذ ينظر داخل أرجاء الغرفه پجنون يشعر بأن هناك شئ سيخترق رأسه من الأعلى. ستنفجر عيناه من فرط الضغط الماثل فوقهما . هناك لحظة فارقه بينه و بين أن يخر صريعا جراء غيرة هوجاء قد ينفجر رأسه بسبب عدم احتمالها. و بلمح البرق وجد نفسه يفرغ كل تلك الشحنات المريعة في ذلك المقعد الذي قام بحمله و إلقاءه في آخر الغرفة ليصطدم برف كبير يحمل عدد لا بأس به من الكتب و المجلدات و التي سقطت مرتطمه بالأرض جراء هذا الھجوم الكاسح ليصدر ذلك الارتطام صوت قوي جعل من في الخارج يتنبهون منا جعل أمينة تقول بلهفة
ايه يا ولاد الصوت دا
علم مروان ما حدث و قد صدقت تكهناته لذا اقترب من أمينة و أخذ يدها من بين كفوف جنة و قال بمزاح
متاخديش في بالك دا طور هايج فى عنبر ستة . أنا عايزك تركز معايا يا أمونة عشان هعملك حتة بروجرام انما ايه عنب هيفكرك بأيام الشقاوة
لكزته أمينة بكتفه و هي تقول بتوبيخ
بس ياد يا أبو
لسانين أنت. أنت إيه لسانك دا متبري منك . و بعدين ايه أمونة دي
. إسمي الحاجة أمينه لو كان عمك عايش و سمعك بتدلعني كدة . كان شال رقبتك من مكانها .
مروان بتهكم
الصلاة عالنبي . انا كدا عرفت الطور طالع لمين .
اوصلها مروان إلي باب السيارة الخلفي و فتح لها الباب و ساعدها بالصعود بجانب ريتال التي كانت في انتظارهم و ألتفت يوجه أنظاره إلي جنة التي كانت تسير خلفهم فقام بفتح الباب الأمامي لها و هو يقول ساخرا
اتفضلي حضرتك شرفي عربيتي المتواضعة .
اطاعته جنة التي كانت تعاني من نوبة هلع داخليه حين سمعت صوت التحطيم القادم من غرفته و لم تلحظ تلك النظرات الڼارية التي تراقبهم
من النافذة و التي لو كانت طلقات لأردتها صريعة في الحال .بينما إلتقمها مروان الذي قال بتحسر
دانا بايني هشوف في البيت دا أيام سودة . يا خسارة شبابك الي هيضيع يا مروان
خيم الظلام و كانت تجلس بغرفتها تضن وسادتها التي كانت رفيقة لياليها الحزينة المكلله بدموع لا تنضب أبدا . كم شعرت بأنها وحيدة منبوذة محرومه من كل ملذات الحياة التي تحيط بها من كل جانب . شعرت بأن ما مضى من حياتها كان هراء. كانت تظن بأنها تمتلك كل شئ المال و الجمال و الصداقة و الحب! و لكن بلمح البصر انقلب كل شئ فمن ظنته حبيبا هو من
أذاقها مرارة الغدر والهجر والاصعب انه تركها لأجل آخرى وهذا جل ما تحتمله انثى بحياتها فالطعڼة لم تطال القلب فقط بل اخترقت كبرياءها فأدمته . فبعد ما خسړت لأجله كل شئ تركها لأجل تلك الفتاة الفقيرة التي عاش لها وماټ معها والآن هي تحمل طفله و اسمه بينما هي تتجرع مرارة الغدر و الألم معا. و الأدهي من كل ذلك أنها خسړت صديقها الذي لطالما كان ملجأها الآمن و الذي كانت تتجرد أمامه من كل أقنعتها و تشكوه هجر والديها العزيزين و الذان من أكبر و أهم الأطباء بمصر. يهتمان بمرضاهم أكثر منها . يهتمان بمستقبلهم المهني أكثر منها يتركوها تتجرع ألم الحرمان بينما ينشغلان بمداواة آلام الآخرين .
لازالت تتذكر حديثها البارحة مع والدتها حين كادت أن تتوسل أليها بألا تسافر لذلك المؤتمر اللعېن و تبقى معها
ماما أنا محتجالك اوي . بليز خليك معايا. متسافرش
اقتربت منها منال تربت على خديها بلطف و هي تقول
بطلي دلع يا ساندي انتي مبقتيش صغيرة . و
كمان انتي عارفه ان دا مستقبلي. يرضيك ابوكي يسبقني .
ساندي بإرهاق
يا ماما انا تعبت من المنافسه الي بينكوا طول الوقت