جبل العامرى بقلم ندى حسن
الخشنة في الخارج مع إطلاق النيران
تنهمر الدمعات من عينيها بغزارة دون توقف وحركاتها اللاإرادة تعبر عن ذلك القهر القابع داخلها لا يريد النزوح أبدا وتركها ولو قليلا
شهقات متتالية تخرج منها وعينيها السوداء متعلقة بالباب وتلك النظرة التي ألقاها عليها لا تفارق ذهنها مع صوته الشغوف واعترافه بالحب وأن تسامحه على ما بدر منه
أمسكت الهاتف بين يديها مرت ساعة كاملة والطلقات لم تتوقف أصواتهم الصاړخة ټضرب أذنيها بقوة فيزداد بكائها وشهقاتها تتعالى يزداد خفقان قلبها خوفا عليه!
القهر والألم ممزوجان داخل قلبها لا يترك أحد منهم الآخر تشعر به يعتصر من الألم ينطبق صدرها عليه ساحقة أكثر
وقفت زينة على قدميها وذهبت لتجلس جوارها تحتضن إياها تشعر أنها أخطأت عندما منعتها عنه أنه الحب وذلك اللعېن ليس عليه سلطان لا يستمع لأحد إلا نفسه يأتي دون إنذار ويذهب دون إنذار
كان في الأعلى جبل و عاصم مع الحراس يحاولون السيطرة عليهم بكل قوتهم هؤلاء الذين ولجوا إلى الجزيرة كانوا كثيرون للغاية غدروا بالحراس القليلة الذين
درجة الصمود هوى قلبه بين قدميه خوفا على عائلته إن رحل وتركهم ولكنهم يعلمون جيدا ما الذي سيقومون بفعله إلى أن تنتهي هذه الحړب متخفين في مكان مستحيل أن يمر به أحد سوى عاصم
اهتزت روحه وهو يتذكر تلك التي وقع بحبها ولم ينل منه شيء ولم يستطع عيش النعيم جوارها يكافىء نفسه بعد سنوات العڈاب وسنوات الضياع الذي أوقع ذاته بها
بوابة القصر متخفي خلف أحد الأعمدة يغمض عينيه لا يستطيع المقاومة أكثر يشعر بأنه يرتخي والھجوم يزداد عليه يهتف داخل نفسه متمينا أن لا تنساه أن تحيي ذكراه وتردد داخلها أنها كانت بالنسبة إليه غزال
إلى هذه الدرجة أحبها! بل عشقها ولم يدري بذلك ويعترف به إلى نفسه إلا بعد فوات الأوان
وجد جبل الطلقات ليحتل كيان كل منها والحزن يتغلغل أكثر ليعبر الروح دافعا بها سهم الرماية الملطخ بالسم القاټل فتتهاوى أرضا ميقنه أن ما بعد النهاية آتي والفراق كتب والاشتياق سيكون إلى الأبد
توقف إطلاق الڼار منذ فترة وأصبح الصباح لتنظر إلى ساعة الهاتف وقفت على قدميها واقتربت من الدرج تصعد عليه بتأني أنفاسها غير منتظمة تشعر بالمۏت القريب لها هي أيضا
عينيها منتفخة وأنفها أحمر للغاية وجهها باهت وملامحها مرهقة وقفت أعلى الدرج محاولة أن تستمع إلى أي أصوات بالخارج ولكن لا فائدة عادت إليها زافرة پقهر وهي تبكي وتنتحب لتساندها شقيقتها بقوة يعلو صوتها تود الصړاخ
لكن زينة لم تترك لها العنان لفعل ذلك بل أشارت لها بالصمت خوفا من أن يكون أحد من هؤلاء المجرمين بالأعلى يستمع إلى صوتهم
كتمت صوتها وهي تبكي تشوب عينيها الخيوط الحمراء التي تجعل مظهرها يبدو خاضع لإذلال لا مثيل له
استفاقت الصغيرة على صوت بكائهما فنظرت إليهما باستغراب طمست زينة على وجهها لتمحي عبراتها محاولة الثبات تقف على قدميها لأجل من معها ففعلت إسراء
تحركت أمامهم تخرج من الباب وهم خلفها تشعل ضوء هاتفها تسير في الممر المظلم حتى تخرج من هنا إلى الغابة ثم إلى خارج الجزيرة
سارت قليلا ولم تتوقف قلبها بذكرى واحدة فريدة بعقلها فلسوء حظها كالعادة لم تستطع أن تجمع الذكريات الجميلة معه
ولكن هل هناك فرصة! ثبتت أقدامها في مكانها فجأة وتصلب جسدها بتشنج ولم تحرك بها إلا أهدابها بعدما استمعت إلى اسمها يخرج بذلك الصوت الخشن
الذي تعرفه جيدا
استدارت
بلهفة وقلق لم تمر عليه سابقا وهو يرى اللهفة
عادت للخلف تنظر إليه بابتسامة واسعة ومازالت الدموع ټغرق وجهها تسأله بنبرة خاڤتة
أنت كويس!
أومأ برأسه لها وهو يبادلها الابتسامة واضعا يده على ذراعها قائلا بحب
كويس يا حبيبتي
لا تدري أي شعور يجتاحها بعدما استمعت إلى تلك النبرة الحانية مع نظرة عينيه الغرامية عليها استمعت إلى صوت شقيقتها التي تقدمت منهم تسأله بتوتر وقلق
فين عاصم
ابتسم إليها هي الأخرى محاولا أن يجعلها تطمئن قائلا بصوت هادئ
موجود في القصر
هبط إلى الأسفل ينحني إلى الأمام يقبل وجنة الصغيرة بعدما أقتربت منه بحب فلم يستطع حملها بسبب ضيق المكان ابتسمت قائلة برقة وصوت هادئ
أنا مبسوطة أنك رجعت تاخدنا مكنتش عايزة أمشي
أجابها مبتسما بعد أن عانقها بحب وحنان
مش هسيبك تمشي
أشار إلى زينة بالعودة وأخذهم وعاد من جديد إلى نفس الغرفة الذي خرجوا منها ليجد عاصم يهبط الدرج متقدما منهم بعدما أعتقد أنهم رحلوا ولم يلحق بهم جبل
وقف على الدرج ثابتا ينظر إلى حبيبة قلبه سکينة أعماق فؤاده التي غابت عنه لكثير من الوقت ولم يراها عن قرب إلا الآن عينيها يشوبها الحزن ونظرتها نحوه باهتة مرهقة ملامحها مټألمة خجلة ولكنها متلهفة عليه تنظر إليه بتعمق ثم ابتسمت بهدوء ورفق عندما أدركت أنه بخير ولم يصيبه شيء
رأى جبل الحالة الذي كان عليها فتحدث بصوت خشن قائلا بعد أن وقف يتبادل النظرات معها للحظات في صمت تام
عاصم أرجع يلا
أبتعد بنظره إليه غائبا عن الواقع يومأ برأسه إليه ثم عاد إلى الأعلى ليقف يستقبل وعد بعدما ساعدها جبل في الصعود على الدرج ثم خلفها إسراء أمسك بيدها بين كفيه يساعدها للخروج بينما تلك اللمسات الخفيفة منهما تكن كلمسات النيران أو صواعق الكهرباء تسبب ارتجافه للقلب لا مثيل لها
وقفت زينة وجذبت شقيقتها ناحيتها ليأتي جبل هو الآخر يقف ثم نظر إلى عاصم قائلا بجدية
روح أنت يا عاصم
ذهب وتركهم كما أمره جبل ليخرج يتابع ما يحدث في الخارج يصلحون ما أفسده ذلك الحيوان ورجاله
باغتته زينة بسؤال جاد وهي تنظر إليه بعمق قلقة أن يحدث ذلك مرة أخرى
إحنا دلوقتي في أمان
أومأ إليها برأسه دون إجابة فسألته مرة أخرى باستغراب عن عائلته
فين طنط وجيدة وفرح وفين تمارا
عقب بجدية ناظرا إليها بود
متقلقيش كلهم بخير وفي اوضهم
نظرت في محيطها ولم يكن إلا الدرج والحائط فعادت ببصرها إليه لتسأله
هو ايه اللي حصل
إلى هذه الدرجة فضولها يأخذها خلفه حيث ما يريد! تنهد بصوت مرتفع وقال بجدية
هحكيلك بعدين أنتي متعبتيش
أومأت إليه برأسها إليه فسار مشيرا إليها أن يذهبوا ففعلت صعد الدرج يذهب إلى غرفتهم وذهبت هي مع شقيقتها وابنتها إلى غرفتهم لتطمئن عليهم أولا ثم تتركهم هبطت مرة أخرى إلى المطبخ لتأخذ بعض الشطائر إليهم فهم منذ الأمس لم يأكلوا شيئا
تركتهم بعد الاطمئنان عليهم ثم ذهبت إلى غرفتها وجدته يخرج من المرحاض مرتدي بطال فقط يشجفف خصلات شعره بمنشفة فاردا ذراعه الأيسر وهو نفس الذراع
الذي كان مصاپ به سابقا ولكن هذه المرة كانت الإصابة في ذراعه من الأسفل
عندما دفع عاصم وأخذ مكانه تحرك كثيرا فخابت رصاصة طاهر وأتت فوق معصم يده
تاركة إصابة بسيطة
عبرت من جواره دون حديث فيبدو أن خۏفها عليه واستنكارها لترك الجزيرة هما اللذان كانوا يدفعون بها إلى التقدم ناحيته وألقاء نفسها بين يديه
دلفت سريعا إلى المرحاض هي الأخرى لتنعم بحمام بارد يزيل عنها عناء جلستها طوال الليل على أرضية صلبة كالذي كانت في الأسفل مع تلك الأتربة والغبار الذي طبع على ملابسها ويدها
بقيت بالداخل كثيرا ثم خرجت بخجل وهي ترتدي رداء المرحاض بعد أن أنساها هروبها إلى الداخل أن تأخذ معها ملابسها
نظرت بعينيها في الغرفة فلم تجد له أثر حمدت الله كثيرا متقدمة من الخزانة تأخذ منها ملابسها عائدة مرة أخرى إلى الداخل كي ترتدي على راحتها فمن الممكن ان يأتي بأي لحظة ولكنه من الأساس كان يقف في الشرفة ينظر إلى الباب الذي تهشم زجاجة بسبب الړصاص الذي تناثر حولهم وينظر إلى بقاياه على الأرضية من الداخل والخارج
ووقعت عينيه عليها وهي تخرج ببطء تبحث عنه بخجل ووجه متورد ثم أخذت ملابسها واختفت لم تدري أنه رأى جمالها الذي لم ينجذب إليها لأجله أبدا ورأى رقتها التي لم يراها منها يوما بل دوما كانت تلك الشرسة العنيدة رأى نظرتها البريئة والخائڤة في ذات الوقت وكأنها صبية مراهقة أو زوجة في بداية زواجها خجلة من أن يكشف زوجها مفاتنها
أتت هي الأخرى من الداخل بعد أن ارتدت ملابسها لتجلس جواره ولم تنتظر كثير بل قبل أن تجلس سألته بجدية
ممكن أعرف ايه اللي حصل
استدار بجسده ينظر إليها يجيب بفتور وصوت جاد
زي ما شوفتي يا زينة
تابعت عيناه واستغربت إجابته أنها لم ترى شيء سوى تلك الرصاصات التي انهمرت فوقهم كالمطر وبعد ذلك لم تدري بشيء سألته مستفهمة
شوفت ايه فهمني
دول مجرمين
أومأ برأسه إليها بالإيجاب يقول مسترسلا في الحديث بصوت هادئ
ايوه ده طاهر أكبر عدو ليا طول عمره بوق بس مش بيعرف يعمل معايا أي حاجه بس المرة دي عرف يعمل بسبب جلال
استمعت إلى الاسم فتوترت قليلا تنظر إليه بقلق محاولة الهدوء والثبات تكرر باستفهام
إزاي
قال بجدية شديدة وداخله ڠضب مكبوت لا يستطيع إخراجه إلا عندما يمسك به بين يديه أن كان حيا أو مېتا
جلال لما هرب راحله وعرفه كل حاجه عن الجزيرة يدخل إزاي يخرج إزاي وكان السبب في أن ده يحصل لأن من المستحيل حد يقدر يدخلها ولا يعرف إزاي أصلا ممكن يدخل
نظرت إلى الفراغ وتلك الكلمات تتردد على عقلها وبالأخص شيء واحد ارتبكت لأجله فلا تدري ما العواقب خلفه تحدثت متسائلة
وهما فين بعد كل ده ما حصل
قال بإيجاز وصوته حاد
طاهر هرب وجلال