قاطع الطريق
هل أتاك خبر قاطع الطريق الذي أصبح أعبد أهل الأرض؟
حتى أنه كان يأتيه الملوك حتى باب داره ليوعظهم فيغلق الباب في وجوههم خوفا على نفسه من فتنة التقرب من السلطان؟
إنه العالِم العابد الزاهد، الشيخ البكاء، إمام أهل الحرمين "الفُضيل بن عياض" -رحمه الله-.
روى ابن_عساكر بسنده عن الفضل بن موسى قال:
كان الفضيل شاطرا (أي يسرق الناس) يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب توبته أنه عشق جارية، فبينما هو يرتقى الجدران إليها، سمع تاليا يتلو قول الله تعالى:
فما إن سمع هذه الآية حتى ارتعدت فرائصه، واهتز قلبه، ودمعت عينه، وارتعش جسده خشية من الله، وقال:
"بل آن يارب، بل آن يارب، ظل يرددها وهو يجهش بالبكاء!
ثم ترك صُحبة السوء وانطلق إلى الحرم يعبد الله ويتبتل إليه في الدياجي، وظل على حاله طوال عمره حتى سُمي بـ "عابد الحرمين"!
«الإمام القدوة الثبت شيخ الإسلام.»
أما ابن المبارك الإمام المجاهد العظيم كان يقول عن الفُضيل:
"ما بقى على ظهر الأرض عندي أفضل من فضيل بن عياض"..
كان أمير المؤمنين هارون الرشيد يحبه جدا، ويحب وعظه، ولكن الفضيل كان ېخاف من فتنة القرب من السلطان حتى لا يميل قبله إليهم ويُفتن في دينه...
كان من روائع أقواله -رحمه الله-:
"لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يعد البلاء نعمة والرخاء مصېبة وحتى لا يحب أن يحمد على عبادة الله."
وكان أيضا يقول:
"عليك بطرق الهدى ولا يضرك قلَّة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين".
فلا تفقد الأمل في نفسك وقل: "الآن يارب آعود" كما قالها جدك الفُضيل وأصبح من أعالي الناس!
هلم إلى رب رحيم لا يغفر ذنوبك فقط ، بل إذا توبت وعملت أعمالا صالحة يبدل سيئاتك حسنات.
قال تعالى:
إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا.
*المصادر:
1- البداية والنهاية لـ ابن كثير.
2- تاريخ الإسلام لـ الذهبي.
3- صفة الصفوة لـ ابن الجوزي.
إذا أتممت القراءة فصل على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم