الخميس 12 ديسمبر 2024

رواية لمن القرار بقلم سهام صادق

انت في الصفحة 138 من 298 صفحات

موقع أيام نيوز


بني أنت فهمت كلامي غلط
ولكنه لم يكن يسمع إلا حديث ذلك الحقېر عنه وعنها.. هل وصل به الحال بأن تصبح سمعته على المحك.. بل وتطلب منه الرحيل بتمثلية حقېرة مع هذا الرجل وهو من تحمل بسببها الكثير إكراما لطليقته وشفقة على حالها وپغضب حارق كان يصيح بها وهو يغلق الباب بوجهها بعدما سقطت أرضا بسبب دفعه لها
 عايزة تروحيله روحيله.. خليه يتجوزك وبعدين يرميكي في الشارع اللي جيتي منه

هل أرتجف جسدها للتو بسبب لسعة الهواء الباردة أم إن ارتجافتها بسبب ذلك الشعور القاسې الذي عاد يستوطن قلبها لم تكن المرة الأولى التي تعيش فيها هذا الشعور.. بل قد عاشته لمرات عدة.. مرات حفرت بصمتها داخلها..
وها هي اللقطات تعود وتخترق فؤادها تخترقه لتخبرها بقلة حيلتها بفقرها وتشردها.. بحياة لم تختارها
فلم تختار أن يكون لها اخ من دمائها يلفظها من حياته اخ تركها تعيش ذليلة اخ أجبرها أن تترك منزلها البسيط الدافئ حتى تهرب من مصير لا عودة منه.
اختارت أن تعيش شريفة حتى لو أكلت من صناديق القمامة حتى لو ظلت بالشارع بلا مأوى.. وليتها ظلت بالشارع ليت عنتر كان رجلا شريفا كوالده وتركها بحالها تبيت في المطعم فحتى الأرضية الرطبة التي كانت ټحتضنها رأتها الحياة كثيرا عليها
وبثياب مبتلة كانت تسير خارج البوابة وقد تعجب الحارس الذي كان يجلب غرضا ما من أحد المحلات خروجها في هذا الوقت فاسرع نحوها هاتفا اسمها ولكنها كانت تسير دون شعور بشئ حولها
 يا بنت لو محتاجه حاجه اروح اجبهالك الجو برد ادخلي
انتظرها أن تجيب عليه ولكنها ظلت في سيرها بخطوات واهنة فاتبعها قلقلا من صمتها وهيئتها
 هي الست سعاد عارفه بخروجك دلوقتي..
وأخيرا استطاعت التقاط أنفاسها ومسح دموعها بصعوبة تلتف لذلك الرجل الذي يعمل كحارس للبوابة
 أنا كويسه يا عم صالح أنا خارجة أتمشى شوية
طالع العم صالح المكان حوله وقد أستغرب رغبتها في السير هذه الساعة 
 تتمشى دلوقتى الدنيا ليل يا بنت.. استنيني هروح هحط الطلبات في اوضتي واقفل البوابه واجي اتمشى معاك
 لا لا يا عم صالح ارجع انت مكانك..عشان البيه ميضاقش لو طلع ولقاك مش موجود
شعر العم صالح بالحيرة وقد بدء الأمر يثيرة بالشك.. وجدها تكمل خطواتها مبتعده فتنهد بقلة حيلة وهو يسرع عائدا للمنزل 
 يا تري إيه اللي حصل بس البت شكلها معيط وخارجه بهدوم البيت.. لا لا أنا هروح اشوف الست سعاد.. لو كان العم جميل هنا كنت زماني عرفت منه السبب
 هتروح بس فين ليه كده يا بني ده أنت طول عمرك قلبك طيب.. والبت قليلة الحيلة وبختها قليل
تمتمت بها السيدة سعاد وهي تفرك يديها قبل أن تتمالك خۏفها من غضبه وتدلف غرفة مكتبه تترجاه أن يعفو عنها فهي لم تفهم شيئا من حديثه عن هذا الرجل الذي تريد الذهاب إليه
وجدته واقف أمام الشرفة يطالع الحديقة يزفر أنفاسه بزفرات مسموعه
 يا بني أنت لومتني لما ظنيت فيها السوء البت غلبانه واغلب من الغلب ولا بتروح في حته ولا بتكلم حد.. ديه يا حبة عيني عايزه تشيل همها وعبأها من عليك فحبت تعمل مشروع من علي التليفون تقدم وصفات عن الطبخ 
حاولت تذكر اسم التطبيق ولكن عقلها لم يسعفها لتدلك جبهتها لعلها تتذكر متمتمه
 كانت جايه تستأذنك تسمح ليها تنفذ مشروعها في المطبخ .. وكانت يا حبة عيني محرجة منك.. وأنا اللي شجعتها قولتلها جسار بيه قلبه طيب
واردفت متحسرة دون أن تنتبه لالتفافه نحوها وتقدمه منها
 بس انا الغلطانه.. شيفاك مضايق.. ليه افتح معاك الموضوع
توقفت عن الكلام وهي تراه يغادر الغرفة دون حديث وكأنه لا يهتم بحديثها ولكن الأمل قد عاد إليها وهي تراه يستمع للحارس الذي وقف قبالته بأنفاس لاهثة يخبره عن سيرها في الطريق وحيدة بحالة مزرية. 
شعر بالتهكم من حاله وحالها وهو يسمعها تخبره بأن لقائتهم لابد أن تقل هذه الأيام حتى لا ينتبه أحدا على علاقتهما.
كانت منذ لحظات غارقة معه في بحر اللذة .. ولكن وقت ان انتهى لقائهم فوق الفراش الذي أصبح وحده هو طريق قربهم وتعريها من مظهر تلك المرأة التي دفنت نفسها داخلها
ابتعد عنها وقد جمده طلبها يدس سيجارته بين شفتيه حانقا من تلك القواعد التي تضعها في علاقتهما
 جوازنا ومش عايزه تعلني عنه وسكت وقولت مش مهم دلوقتي.. لحد ما نمهد الموضوع .. و دلوقتي تقوليلي بلاش نتقابل الفترة ديه.. طبعا خديجة هانم النجار مظهرها مهم قدام الناس
 أمير حاول تفهمني
اقتربت منه وقد بات القلق يعرف طريقه نحو حياتها
 جوازنا غلط يا أمير وأنت عارف ده كويس
احتدت عيناه فعن اي خطأ تتحدث عنه.. وهي التي وحدها من اتأخد طريق الحلال معها ولكنه كان يعلم أول اسباب هذا الخطأ فور أن اطرقت رأسها أرضا وكأنها تشعر بالخزي من حديثها
 الناس هتشاور وتقول اتجوزت مجرد عيل بالنسبه ليها ديه مش سنه ولا اتنين ولا تلاته.. ده عمر 
وهل يخجل هو من ذكر ذلك الفارق بينهم فلو خجلت لن يخجل هو.. فهو من سعى وركض خلفها ليتزوجها.. اجتذبها نحوه يخرصها پجنون مشاعره.. يخبرها بتوقه الشديد إليها إنه لا يرى فارق العمر بينهم عائق
 قرارنا كان غلط غلط
هتفت بضعف بعدما عاد وأثبت لها إنها بحاجة إليه.. بحاجة لتلك المشاعر التي يقدمها لها
 ابن اخوكي اتجوز شهيرة الأسيوطي وفرق بينهم عمر برضوه وخلف منها مافيش حاجة بتكون غلط يا خديجة ما دام في الحلال.. أنت اللي عايزة تشوفي علاقتنا غلط
 المجتمع والناس
 عمر ما حد فرق معايا.. طول عمري بعمل اللي أنا عايزه
وبثقل كانت تخرج الكلمات من بين شفتيها
 إحنا مجرد نزوة في حياة بعض يا أمير أفهم بقى
تركها تهذي بكلمات عدة جعلها تتنبأ مستقبلهما وعن نهاية علاقتهما أصاب الجمود ملامحه فهو لا يراها نزوة ولو كان ظن في البداية هذا الأمر لكن بعدما عرف هوية مشاعره نحوها..تأكد أن زواجهم ابعد عن أن يكون نزوة
 لو ده تصورك عن علاقتنا فأنا مش شايفك نزوة يا خديجة..
 افهم بقى أنت ليه عايز تصعب الموضوع.. أحنا لازم ننفصل.. أنا مش هنفع اكمل في علاقة نهايتها فشل
تركها وكأنه لم يستمع لحديثها التقط سترته وسار نحو الخارج..فقد اعتاد على تقلباتها وهو رجلا صبورا للغاية.
انسابت دموعها وهي تمسح فوق فرو القطة التي أخذت تحوم حولها.. فالقطه على ما يبدو جائعة ولكنها لا تملك شيئا تعطيه لها..
 معيش حاجة ادهالك لا عندي مكان اخدك فيه ولا معايا اكل ادهولك.. أنا زيك بالظبط رموني صحاب البيت لأن مكاني هو الشارع
خرج مواء القطه وانكمشت بجسدها قربها وقد فهمت سبب اقترابها منها فلم تكن تريد طعام بل أرادت الدفئ
 أنا كمان زيك بردانه ومش عارفه هروح فين ولا اعمل إيه
وپخوف أخذت تلتف حولها فقدت أشتدت الظلمة في المكان وعم السكون الذي يبث الخۏف وارتفعت أصوات الرياح ولم يعد يسير أحدا بالطريق
استندت على السياج التي تحيط أحد المنازل التي يبدو أن اصحابها لا يسكنون بها.. واغمضت عيناها تحلم بدفئ الفراش ويد والدها تمسح فوق ظهرها يطمئنها أن كل شئ سيكون بخير
توقفت سيارة عنتر الذي قرر أن
 

137  138  139 

انت في الصفحة 138 من 298 صفحات