حوريتى بقلم مارينا عبود
بسببك انت والنجس سعد.. عايزني ابص في وشك ازاي دلوقتي ولا ابص لوش انا في المراية ازاي بس وانا حاسس بالعجز والمر اللي سكن جوايا منك .
الټفت فجأة نحو عصام الذي تسمرت أقدامه عن التحرك بالقرب منهم قائلا بهذيان
خدت بالك ياعصام دا بيقولك ان ادالوا فلوس عشان يبعد البنت عني شوفت بقى ياسيدي .. اديني اخيرا صدقت انك برئ واني فتحت دماغك ظلم.. حقك عليا ياصاحبي .
حقك عليا من تاني ياصاحبي .. بس دي غلطتك انت عشان كنت مصاحب واحد حمار.. زي ماهي كانت غلطة فاتن برضوا عشان حبت واحد عاجز زيي..
تحركت رأس عصام بعدم فهم بين الثلاثة قبل ان ينتهد مربتا على كتف علاء قائلا بإشفاق على حالته
اقترب ادهم بخطوات مثقلة نحو ابنه الذي انتفص للخلف يتجنب لمسته
ياحبيبي اهدى على نفسك شوية.. انا مقدر صدمتك بس كمان عايزك تسمعني وتفهم موقفي..
قاطعه بحدة قائلا
افهم ايه تاني ماخلاص كل المستور انكشف وبان ياعم الحج.. ياراجل دا انت شوفتني بعينك وانا بطردها من المحل وشوفت عذابي وانا فاقد الثقة في كل الناس بعدها.. طيب مصعبتش عليك البنت ولا صعب عليك ابوها اللي متحملش اللي حصل وساب البلد وهج بعيلته عشان يهرب من جبروتك ويتخلص من بنته اللي شالت مصېبة أكبر من طاقتها وهي كانت عيلة يدوب ١٨ سنة .
يابني كنت فاكرها مش كويسة وكل اللي كان في دماغي اني انجدك منها.
صاح عليه هادرا
ماتغيرش الحقايق .. انت كنت عايزها كدة عشان يبقى ليك حجة تقنع بيها نفسك باللي عملته مع الوس....... سعد.. انت مذنب زيك زيه حتى لو مكنتش عارف باللي عمله..
صمت قليلا وهو ينظر بقوة لأبيه الذي تغضنت ملامحه بالأسى والندم الشديد.. ثم تابع
اختنقت الكلمات في حلقة ولم يعد قادرا على التفوه ببنت شفاه.. خرج مسرعا من أمامهم ليهتف عليه والده بجزع وحينما لم يرد الټفت أدهم نحو عصام
ابوس إيدك ياحبيبي حصله.. انا رجلي مش شلاني عشان اوقفه .
حرك عصام رأسه بغير فهم قبل أن يغادر مسرعا خلف صديقه.. خطا أدهم بتثاقل نحو أقرب المقاعد ليسقط عليه بتعب.. الټفت نحو حسين والتقت عيناه بعينيه قبل ان يشيح بوجهه هو الاخر عن ابيه غاضبا.. أطرق أدهم يضع كف يده على رأسه وقد تراكمت هموم العالم أجمع فوق ظهره
رفرفرت رموشها وهي تستعيد الرؤية وتستفيق من غشيتها على اثر رائحة العطر القوية التي اخترقت حواسها.. لترى عمتها جاثية على عقبيها امامها وهي مازالت ممسكة بزجاجة العطر
الحمد لله اخيرا فوقتي
بعد ما وقعتي قلبي عليكي يافجر.
حاولت استعادة ذهنها وهي تنظر لسقف المنزل الغريب لتنزل بأعينها فوجدت نفسها مستلقية على أريكة اثيرة ناعمة الملمس .. ازدردت ريقها لتتكلم وقد استعاد عقلها المشهد الاخير الذي راته عيناها .
قلبت عيناها فوزية وهي تجيبها
هي ماكنتش حلم ياعين عمتك ولا انتي نسيتي الولد كمان وافتكرتيه تهيؤات.
جحظت عيناها وهي تنهض بجذعها لتجلس مستقيمة
يعني اللي شوفته جد وحقيقي! طب ازاي
صدر الصوت الناعم من خلفها
ها اكلمك بقى ولا هاترجعي يغمى عليكي من تاني
الټفت رأسها اليه بحدة فوجدتها تضحك وهي حاملة طفلها
طب بذمتك ياشيخة.. في عفريت حلو كدة
برقت عيناها پصدمة وهي تجدها تتقدم لتجلس امامها وتردف
يابنتي مالك مسبهلة پصدمة كدة ليه انا فاتن قدامك اهو وماموتش .
همست بتردد وهي تتنقل بعيناها بينهم
طب ازاي واحنا حضرتا جنازتك في الصعيد وعمتي اللي قدامك دي كانت مقطعة نفسها من العياط عليكي
نهضت فوزية عن الأرض لتجلس بجوار ابنتها مطرقة الرأس وكانها استعادت الذكرى .. فردت فاتن وعيناها على والدتها
عمتك كانت مقطعة نفسها بكى على الوضع كله ياحبييتي .. ماهو اللي حصل ماكنش قليل عليها برضوا .
وهو إيه اللي حصل
سألتها بدون تفكير مما اثار ابتسامة ماكرة من فاتن
ياسلام.. يعني انتي متعرفيش باللي حصل ولا هاتقولي انك نسيتي
اسبلت عيناها ترد على كلماتها بحرج
لا طبعا فاكرة .. بس انا عرفت من عصام ان علاء برئ وان اللي حصل معاكي كانت متدبر بمکيدة هو نفسه لحد دلوقتي ما يعرفش مين اللي عملها فيكم
بس انا كنت عارفة باللي عملها
كنت عارفة!
قالتها مصدمة وأكملت
طب هو مين يافاتن خلينا نعرفه ونرتاح بقى .
اجابت ببساطة
سعد .
سعد!!
صړخت بالأسم فجر مصعوقة
انتي بتتكلمي جد يافاتن هو إيه حكاية البني أدم ده بالظبط وانتي إيه اللي خلاكي ساكتة من غير ماتكشفيه وتفضحيه وتجيبي حقك منه الوس.... ده
راقبتها فجر وهي تقبل ابنها و
تطالبه بالذهاب لغرفته للعب بألعابه هناك .. وبعد ذهاب الطفل سألتها مرة أخرى بلهفة
ماتجاوبي يافاتن بقى.. إيه إللي خلاكي سكتي
تنهدت عاليا قبل ان تجيبها
عشان للأسف أنا نفسي معرفتش غير في اليوم اللى كنت هاسافر فيه مع ابويا الصعيد.. ولو قولتلك عرفته ازاي مش هاتصدقي
قطبت حاجبيها تسألها بحيرة
ازاي يعني ممكن تحكيلي .
هاحكيلك
في فناء منزلهم الفسيح كانت جالسة على بسطة اسمنتية صغيرة منزوية على نفسها.. ضامة ركبيتها الى صدرها وهي مستندة بذقنها عليهم وكأنها بعالم اخر .. غير شاعرة بسخونة الشمس عليها بعد أن انهار عالمها الوردي وانتهت قصة عشفها بمأساة تقترب من الڤضيحة.. ولم يتبقى لها شئ بعد ان عادت الى ابيها بعد تهربها منه لأيام تتلقى عقابها بالركلات والضړب المپرح رغم تعللها بالأختفاء لدى إحدى صديقاتها.. هربا من الزواح بابن عمها الذي اصر والدها حفظا لكرامته بالسفر الى الصعيد وعقد قرانها عليه بالإجبار.. ولتتحمل وزر فعلتها.. فهي من أخطأت وهي من عليها دفع الثمن غاليا حتى لو كان عمرها.
الشمس سخنة عليكي يافاتن.
رفعت رأسها مجفلة على الصوت المتردد لتمسح بإبهامها الدمعات المتساقطة على وجنتها وقالت
سعد! انت واقف هنا من أمتى
خطا ليقترب منها قائلا
انا هنا عشان عمي بدر بعتني لخالتي فوزية ابلغها بميعاد العربية اللي هاتيجي تلم العفش بتاعكم وتروح بيه عالصعيد .
اومأت برأسها وهي تعود لوضعها فاقترب أكثر فاردا كف يده امامها لتنهض
قومي يافاتن وكل مشكلة وليها حل.. وانا سداد .
رفعت رأسها اليه ناظرة باستفهام
مشكلة إيه اللي تقصدها وانه حل دا اللي انت سداد فيه
تحركت عيناه يسارا ويمينا قبل أن يجيبها بصوت خفيض
انت عارفة قصدي على إيه يافاتن ولا انتي ناسية إن علاء صاحبي وبيحكيلي على كل حاجة
على الفور احټرقت مقلتيها بدمعة ساخنة تشيح بوجهها عنه لتخفي هذا الألم العاصف بقلبها فتابع هو
انا مش بقولك كدة عشان اجرحك.. انا بقولك كدة بس عشان تعرفي طينة البني أدم اللي باعك بسهولة وسلمك لصاحبه يبقى إيه احنا غلابة يافاتن وملناش غير بعض .
حدقت مندهشة فاأكمل
ايوة يافاتن.. انا عايزك تعرفي كويس اني بعشق التراب اللي