تاجر بغداد
انت في الصفحة 1 من صفحتين
كانت بغداد مدينة عظيمة يحمل إليها كل طريف من نتاج العقول ومن ثمرات الأرض وتنصب فيها الخيرات والتحف وكل ما هو جميل
وكان في بغداد تاجر من تجار الكرز على الضفة الغربية من دجلة يعامل الخراسانيين فكان يفد عليه كل سنة في موسم الحج تاجر كبير من أهل خراسان بتجارة عظيمة يبيعها له وكان يعامله بصدق وأمانة فيربح ألوفا من الدنانير يعيش بها إلى الموسم القادم
خرج التاجر هائما على وجهه حتى وصل إلى نهر دجلة وكان يوما حارا ولم يكن أحد هناك فنزع ثيابه ونزل إلى النهر وقد وسوس إليه الشيطان أن ېقتل نفسه ثم تذكر أن الاڼتحار عمل لا يقبله المؤمن فغير رأيه واستغفر الله مما فكر فيه وفيما هو يخرج من الماء تعثر بكومة رمل انكشفت من تحتها قطعة جلد مدفونة في الأرض فما زال يحفر من حولها ويسحبها حتى أخرجها فإذا هي كمر فأخفاه تحت ثيابه وجاء به الدار ففتحه فإذا فيه ألف دينار من ذهب
وفي ليلة باردة ممطرة من ليالي الشتاء وكان به صداع لا يستطيع النوم سمع من الطريق صړاخا وبكاء فنظر فإذا برجل يبكي ويلطم وجهه ويصيح فسأله عما به فأجاب صحن فيه حلبة مغلية وزيت سقط وانكسر
فأزداد الرجل بكاء وقال والله ما أبكي لفلسين ولكن زوجتي تضع مولودا وليس معنا شيء وإن لم تأكل فستموت والله والله لقد حججت سنة كذا فضاع منى زنار فيه ألف دينار وجواهر فما بكيت واحتسبته عند الله وأنا الآن أبكي من أجل فلسين فلا يغتر أحد بالغنى ولا يهزأ أحد بالفقر فربما افتقر الغني وأثرى الفقير
فقال له يا رجل أتركني وحالي أتسخر مني وأنت ترى ما أنا فيه من الفقر والآلام والقيام في المطر
ومشى وهو يتجه بقلبه إلى الله وحده يرجو منه الڤرج وشعر التاجر بقوة خفية تدفعه ليلحق بالرجل فركض وراءه وقال له قف فحسبه سيعطيه شيئا فوقف فلما وصل إليه قال له صف لي زنارك فوصف له فعرفه أنه ذاته الخراساني الذي كان يتعامل معه فسأله أين امرأتك فأخبره عن مكانها في الفندق فبعث من جاء بها وأدخلها إلى أهله وأحضر لها القابلة وعني بها وأدخل الرجل الحمام وبدل ملابسه
وخشي أن يفاجئه بالزنار وأن يعرفه